الإدمان (الكحول والمخدرات)
من سوء حظ المدمنين أن هناك تغيرات في أدمعتهم لا
يمكن أن يتم علاجها حتى بعد تركها لزمن طويل.
بعض المخدرات تنشط الخلايا العصبية لأن تركيبها
مشابه لتركيب النوافل العصبية الطبيعية المنشطة، لكنها تعمل بطريقة غير طبيعية
وتنشط بطريقة أكبر، محدثة تلف تدريجي لخلايا الدماغ.
من المعروف علميًا أن المخدرات تؤثر في الدماغ
تأثيرًا بالغاء ويقع معظم تأثيرها على الموصل العصبي الدوبامين، وهو ما يسمى بمادة
المكافأة لأنه مسئول بدرجة كبيرة عن تحسن المزاج والشعور بالسرور.
كيف يترسخ الإدمان في
الدماغ
عندما يمر أحدنا بتجربة جميلة، تناول وجبة مفضلة،
شرب مشروب بارد في يوم حار، الضحك والمرح مع الأصدقاء، نجاح متميز، مدح صديق أو
قريب، فإنه بذلك يحفز موصلات المكافأة (الدوبامين) والذي يجعله يشعر بمشاعر بهيجة
وسعيدة، يتعلم العقل أن هذه التجارب تعني السعادة، فيقوم بتكرارها كل مرة يرغب
فيها بالدعم والبهجة، نفس الشيء يحدث عند تناول المخدر، يشعر الدماغ بأن حالة من
البهجة العارمة قد حدثت حتى عشرة أضعاف الحالات الطبيعية إثر تناول هذه العقاقير،
فيرغب في تكرار تناولها حتى يستعيد تلك المشاعر البهيجة، هكذا تبدأ الكارثة، كل
مرة يتبع فيها أحدهم رغبة عقله في الحصول على المخدر، يكافأ بالبهجة واللذة، لكن
لسوء الحظ أن هذه البهجة لن تدوم طويلاً، لأن تكرارها يحدث تغيرات في المخ تشبه
المقاومة، تقلل من مقدار البهجة التي يحصل عليها المدمن من نفس الكمية، فيضطر إلى
زيادتها حتى يحصل على نفس ذلك الشعور الأول، إن دفقة الدوبامين الكبيرة وما ينتج
عنها من شعور غامر بالسعادة، يجعل المخدرات منافس متوحش لمحفزات الدوبامين الأخرى،
كالغذاء والأصدقاء والنجاح والأسرة، فيفقد هؤلاء قيمتهم تدريجيًا، ويصبح الهم
الوحيد للمدمن هو الحصول على المخدرات. يتوقف الدماغ عن الشعور بالسعادة تدريجيًا
مع استمرار الإدمان، مهما زادت الجرعة، فإما أن يزيد المدمن جرعته حتى الموت، وإما
أن يبقى مدمنًا لا ليحصل على السعادة، بل ليتلافى الألم الناتج عن أعراض الانسحاب
بعد الانقطاع عن تناول المخدرات.
كيف يمكن علاج الإدمان؟
الإدمان مرض قابل للعلاج، الأبحاث الحديثة في علم
الإدمان أدت إلى تقدم واضح في مجال العلاج من تعاطي المخدرات لمساعدة المرضى على
التوقف عن التعاطي واستئناف حياتهم الإنتاجية. ليس من الضرورة أن يبقى المدمن سجين
عقاقيره مدى الحياة، مثله مثل أي مريض آخر، من الممكن علاجه وشفاءه، ولحسن الحظ
فبرغم الآثار المدمرة التي تحدث في المخ نتيجة تعاطي هذه العقاقير، إلا أن المخ
قادر على أن يستعيد جزء جيد من عافيته كما توضح الصورة:
يوضح اللون البرتقالي أعلى مستوى من الدوبامين
ويتدرج حتى اللون الأسود الذي يعني
انعدامه
تعطل العقاقير المخدرة وظائف المخ كالذاكرة
والتعلم والحكم ومراقبة السلوك والدافعية، لذلك فمن غير المستغرب أن المراهقين
المتعاطين لهذه العقاقير غالبًا ما تكون لديهم الكثير من المشكلات العائلية
والاجتماعية والدراسية والصحية بما في ذلك التورط في جرائم يقضي بسببها معظم حياته
خلف القضبان أو الانتحار.
هل يؤثر الإدمان على الصحة؟
أكدت الإحصاءات أن الذين يعانون من الإدمان
غالبًا ما يكونون مصابين بواحد أو أكثر من الأمراض الجسدية الخطيرة كسرطان الرئة
وأمراض القلب والسكتة الدماغية والاضطرابات النفسية.
نصائح غذائية للمدمنين في
طور العلاج
جميع المدمنين على الكحول أو المخدرات يعانون من
سوء تغذية، أو من أجل مساعدتهم على الشفاء فإن التغذية أمر مهم لبناء التالف من
الخلايا والأنسجة التي دمرتها العقاقير المختلفة، شرب الكحول يعطي شعور بالشبع
والامتلاء السريع لما يحتويه من سعرات حرارية عالية نسبيًا مقارنة بالكربوهيدرات
والبروتينات، هذا الشعور بالشبع يؤدي إلى الامتناع عن تناول الطعام الصحي للمدمن
طول فترة إدمانه، كما أن المخدرات والكحول لها تأثير مانع لامتصاص بعض المغذيات
المهمة للجسم، وتمنع طرد السموم من الجسم مما يؤدي إلى مشاكل صحية صعبة على المدى
القصير والطويل.
بسبب إهمال المدمنين المستمر لصحتهم وغذائهم، فهم
غالبًا ما يواجهون اضطرابات معوية كالإسهال والإمساك وعدم القدرة على هضم الطعام
بشكل صحيح مع تراجع في الشهية، نتيجة لذلك يحتاج المدمنين بشكل خاص للأطعمة الغنية
بالمغديات المختلفة لإعادة بناء الأنسجة المتضررة، وتستعيد الأنظمة المختلفة
قدرتها على العمل بشكل طبيعي بما في ذلك الأنظمة العصبية والمعوية.
تعرفنا سابقًا على تأثير الغذاء على المزاج،
يصاحب نقص المواد المغذية مثل حامض الفوليك ومجموعة فيتامين ب المركب والأحماض
الأمينية تأثيرات سلبية على المزاج، السكر والكافيين يمكن أن يساهما في اضطراب
وأرجحة المزاج، لذلك يجب تخفيفها في المراحل الأولى من علاج الإدمان.
إدمان المخدرات والكحول يمنع الجسم من تمثيل حامضين أمينيين مهمين جدًا عن الاستقرار
العاطفي وتحسن المزاج وهما التيروسين والتريبتوفان المسؤولان عن إنتاج الموصلات
العصبية الدوبامين والسيروتونين وهما الموصلان المسئولان عن الوضوح العقلي
والاستقرار العاطفي، فيؤثر نقصهما سلبًا على المزاج والسلوك.
يعتبر الحامض الأميني التيروسين منتج مهم
للموصلان العصبيان الدوبامين والنوريبينفيرين المسببان لليقظة والانتباه العقلي،
وهو حامض أميني موجود في الأطعمة الغنية بالبروتين مثل اللحوم والدواجن والمأكولات
البحرية والتوفو (أحد منتجات فول الصويا)، كما تطرقنا سابقًا إلى أن الحامض
الأميني التربتوفان يؤدي إلى إنتاج الموصل العصبي السيروتونين المهدئ للأعصاب
والمساعد على النوم، وهو يوجد في الموز وبذور دوار الشمس والحليب ولحم الديك
الرومي.
أوصت الدراسات التغذوية بأن المدمنين في فترة
العلاج بحاجة إلى وجبات صغيرة متكررة طول اليوم، وذلك لإبقاء الطاقة والمزاج في
أعلى مستوياتهما.
اقتراحات غذائية لتعزيز
شفاء المدمنين
·
استخدام الهرم الغذائي كمرشد لإعداد وجبات متوازنة
لمرض الإدمان.
·
تناول 3 وجبات رئيسية و3 وجبات خفيفة.
·
شرب قهوة منزوعة الكافيين أو شاي أعشاب.
·
تناول الفواكه والخضروات الطازجة.
·
تناول الأغذية المصنوعة من الحبوب الكاملة.
·
تناول المزيد من منتجات الحبوب والحد من كمية
اللحوم الحمراء صعبة الهضم.
·
الحد من تناول السكريات والكافيين.
·
الانتباه للسكر المتخفي في حلوى التشوكليت
والتوابل.
·
الانتباه للكافيين الموجود في بعض الأدوية
الموصوفة.
يسبب تعاطي المخدرات والكحول استنزاف الجسم
للفيتامينات والمعادن، لذلك يفضل تناولها عن طريق أقراص المكملات الغذائية أثناء
تناول الوجبات اليومية لحدوث أفضل امتصاص.
الآثار السلبية التي تتركها
المخدرات والكحول على الجسم وعلاجها غذائيًا
الجلد والشعر: يستنفذ الجسم المواد المغذية اللازمة لسلامة الشعر والجلد فيتساقط
الشعر ويبهت الجلد وعلاج هذه المشاكل هو تناول أغذية غنية بالفيتامينات خصوصًا أ،
ج، وكذلك البروتينات والأطعمة الغنية بالزنك.
القلب والدورة الدموية: يحدث ضمور لعضلات الجسم
والقلب بسبب كمية البروتين الكبيرة التي تم إهدارها مما يؤدي غالبًا إلى التهابات
خطرة إلى جانب السمنة وارتفاع ضغط الدم: ولتخفيف هذه المشاكل ينصح بتناول أغذية
غنية بالبروتينات الأساسية كالأسماك ولحوم الدجاج مع محاولة اختيار الأجزاء
الخالية أو قليلة الدسم وممارسة التمارين بشكل منتظم.
الكبد: يحدث انخفاض في تخزين الفيتامينات
والمعادن ويتضخم الكبد ويقل إنتاج الصفراء وعملية التصفية والترشيخ للدم وتضعف
الشهية، ويتم علاج هذه المشكلات عن طريق الأغذية الغنية بالسعرات الحرارية
والأغذية الغنية بالبروتينات والاعتدال في تناول الدهون وتناول الأغذية الغنية
بالفيتامينات والمعادن.
البنكرياس: يحدث تهيج وتورم في البنكرياس يعوق من
تدفق الأنزيمات في المعدة مما يؤدي إلى صعوبات في عملية الهضم والإصابة بمرض
السكر، يمكن تخفيف حدة هذه المشاكل عن طريق تناول أطعمة غنية بالمغذيات
والفيتامينات والمعادن على وجبات صغيرة ومتكررة في اليوم (6 وجبات).
الكلى: تصاب الكلى بالالتهابات المتكررة وزيادة
إنتاج المياه مما يؤدي إلى فقد المغذيات، ويوصي في هذه الحالة بتناول أطعمة غنية
بالبوتاسيوم والحد من تناول مصادر الكافيين.
الجهاز العصبي المركزي والهايبوثلاموس: الكحول
والمخدرات تهيج وتخمل وتهيج النظام العصبي، تتاثر الذاكرة والقدرة على التفكير
والتنسيق، الكحول يقضي على خلايا المخ، كما أن مركز الشهية في الدماغ يرسل رسائل
مشوشة حول الجوع والعطش، التوصية الغذائية لتلافي وتخفيف هذه الأعراض هي الراحة
وتناول الأطعمة الغنية بالمغذيات والعناصر الغذائية وخصوصًا الحامض الأميني
التربتوفان والتيروسين، وتناول المكملات الغذائية المحتوية على الفيتامينات
والمعادن المختلة، وزيادة كمية فيتامين ب المركب.
الأغشية المخاطية: تتهيج وتخمل الأغشية المخاطية
في المرئ والمعدة والمستقيم، والتغذية المتوازنة من الممكن أن تعيد بناء هذه
الأنسجة التي تهتكت بفعل العقاقير والكحول، ينصح بتناول فيتامين أ، ج والحد من
تناول مصادر الكافيين.
المعدة: تتهيج المعدة وتزيد نسبة خطر الإصابة
بالقرحة، لذلك من الواجب زيادة عدد الوجبات اليومية مع تقليل حجمها والامتناع عن
تناول مصادر الكافيين كالقهوة والشاي والمشروبات الغازية لأنها تزيد من تفاقم
المشكلة.
الأمعاء: يحدث في الأمعاء كسل أو تهيج فإما أن
تمر الأغذية ببطء شديد يؤدي إلى تعفنها وإحداث مشاكل معوية متقدمة كالسرطان، وأما
أن تزيد سرعة مرور الغذاء خلالها فتقل الفائدة المرجوة من الغذاء نتيجة سوء
الامتصاص، لذلك يوصي بزيادة تناول الأغذية الغنية بالألياف كالحبوب الكاملة والخضر
والفواكه وشرب كمية أكبر من الماء وممارسة الرياضة والامتناع عن مصادر الكافيين.
إقرأ أيضا
شكرا على المعلومات المفيدة الخاصة بـالتغذية
ردحذفالشكر لك
حذف