أدمغة المواليد في الرضاعة الطبيعية
يقول الله تعالى "والوالدات يرضعن أولادهن
حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة" البقرة 233.
تعتبر السنة الأولى من عمر المولود من أهم سنوات
العمر فيما يتعلق بنمو
الدماغ والمحافظة عليه، حيث ينموا 70% من الدماغ
في السنة الأولى من عمر الطفل لذلك كان الاهتمام بالرضاعة الطبيعية أولى في هذا
العمر.
كما أكدت الكثير من الأبحاث والدراسات أهمية لبن
الأم في نمو ذكاء الطفل، حيث حقق الأطفال الذين رضعوا من ألبان أمهاتهم تفوق في
اختبارات الذكاء مقارنة بغيرهم وكلما زادت فترة تناولهم للحليب الطبيعي كلما زاد
معدل الذكاء إضافة إلى قلة تعرضهم للأمراض النفسية العصبية كالفصام.
ومن عجائب صنع الله أن حليب الأم يتطور وتزداد
مكوناته مع تقدم عمر الطفل حتى توفر له معظم احتياجاته الغذائية، لذلك كان الإرضاع
لمدة سنتين هو الأعظم فائدة للرضيع، حيث تتطابق مكونات حليب الأم بشكل كامل مع
قدرات المولود في مراحل نموه الأولى.
يعتبر الأطفال الذين تم تغذيتهم على لبن الأم هم
أكثر الأطفال ذكاء، وذلك بحسب دراسة تمت في جامعة دي شيلي، حيث قام الباحث أندرسون
بتحليل عدة دراسات تمت لمعرفة مستوى ذكاء الأطفال الذين تم تغذيتهم بالرضاعة
الطبيعية وقد وجد الباحث أن هؤلاء الأطفال يتفوقون على أقرانهم من الأطفال الذين تم
تغذيتهم على الألبان الصناعية في الذكاء بفرق 3.2 نقطة قد تزيد إلى ثلاث نقاط أخرى
بعض الأحيان فيصبح المجموع 6 نقاط فارقة، وبرغم الجهود الكبيرة التي تبذلها
الشركات لصناعة الألبان المقاربة للبن الأم إلا أن الفجوة لا تزال موجودة.
يحتوي لبن الأم على الأحماض الدهنية أوميغا 3
والذي يزداد تركيزه بزيادة توفره في غذائها، وهو حامض دهني له تأثير إيجابي جدًا
على نمو دماغ الرضيع، ولأن دماغ الرضيع يكتمل نموه في السنة الأولى من العمر، كانت
هذه المرحلة العمرية حساسة جدًا وأكثر تطلبًا للاهتمام بعد مرحلة الجنينية، فيجب
على الأم المرضع أن تحافظ على تنوع غذائها وإمداده بالمزيد من أحماض أوميغا 3 الدهنية.
تؤكد بعض الدراسات بأن العناية بنمو الدماغ أكثر
أهمية في السنة الأولى بعد
الولادة من المرحلة الجنينية، لأن نمو الدماغ
خلال مرحلة الرضاعة والطفولة المبكرة أكثر أهمية من النمو خلال الحياة الجنينية
تحديدًا في وظيفة الإدراك.
تساعد الرضاعة الطبيعية على تعلم اللغة لدى
الأطفال وتنمي مهاراتهم الحركية بشكل أسرع، كما يحتوي حليب الأم على كمية من
البروتين تناسب هضم وتمثيل الطفل ولا تشكل عبئًا ثقيلاً على وظائف الكبد
والكليتين.
أجريت العديد من الدراسات على فائدة حليب الأم
لمعرفة ما الذي يميزه عن جميع ألبان العالم فكانت النتائج دائمًا في صالح حليب
الأم وذلك لتفوقه في عدة جوانب تساعد على النمو القوي والطبيعي لدماغ الطفل. حيث
أن غناه بسكر اللاكتوز يجعله أنسب أنواع الحليب للنمو العقلي، كما أن الملح
المعدني الذي يتميز به لبن الأم هو الكالسيوم الهام لفعالية الأعصاب إضافة إلى نمو
الأسنان والعظام.
تعتبر كمية المعادن الموجودة في حليب الأم قليلة
بالمقارنة مع غيرها من أنوةاع الحليب فهي تساوي ربع مقدارها في حليب الأبقار إلا
أنها أكثر فائدة بفضل سهولة امتصاصها لدى الطفل.
يحتوي حليب الأم بعد الولادة (حتى اليوم الثالث
عشر) على الكلولستروم وهو اللبأ، حيث أنه حليب مركز غني بالمعادن والمضادات
المقوية للمناعة وبعض الإنزيمات والبروتينات والسكريات والدهون. ارتباط البروتينات
بالماء جعل له شكل لزج وكثيف يشبه الجيلاتين من ناحية احتفاظه بالماء فيحافظ على
سلامة المولود من الجفاف الناتج عن كثرة الإخراج.
يتميز حليب الأم بعدم احتوائه على مادة
بتالاكتوكلوبين الموجودة في حليب الأبقار والذي يسبب حساسية للطفل، كما يحتوي على
مقادير كافية من مادة ألفالاكتالبومين التي تلعب دورًا مهمًا في تشكيل ميلين
الخلايا العصبية، كما يحتوي على مواد تساعد على امتصاص الحديد في الأمعاء ومواد
مبيدة للجراثيم والفيروسات والكثير من المميزات الأخرى.
يحتوي حليب الأم على الهرمونات وعوامل النمو
والسيتوكينات، وتسمح الرضاعة الطبيعية بالنمو الطبيعي إلى ما لا يقل عن 6 أشهر من
العمر وكل من طالت فترة الرضاعة كان أفضل لصحة الطفل حتى العمر سنتين، كثير من
الدراسات تشير إلى ارتباط الرضاعة الطبيعية مع تعزيز الأداء في اختبارات النمو
المعرفي، والرضاعة الطبيعية بما لا يقل عن 3 أشهر ترتبط مع انخفاض معدل وشدة
الإسهال والتهاب الأذن الوسطى والتهابات
الجهاز التنفسي، كما أن الرضاعة الطبيعية لمدة لا تقل عن 6 أشهر ترتبط مع انخفاض
معدل الإصابة بالحساسية لدى الرضع، كما ترتبط الرضاعة الطبيعية بصفة عامة مع
انخفاض معدل الإصابة بالسمنة في مرحلة الطفولة والمراهقة، وانخفاض حالات ارتفاع
ضغط الدم وارتفاع الكوليسترول أثناء مرحلة البلوغ، يفضل تناول بعض الفيتامينات
المكملة أثناء فترة الرضاعة مثل فيتامين أ، د، البوتاسيوم بعد استشارة الطبيب، إذا
كانت الأم مصابة بأحد الأمراض المعدية يجب أن تستشير الطبيب حول إمكانية تغذية
وليدها عن طريق الرضاعة الطبيعية.
يحتوي حليب الأم على حامض السياليك الهام لنمو
صحيح للدماغ والذي لا يتواجد في الألبان الصناعية بما يكفي، حيث أن نسبته في
الألبان الصناعية لا تزيد عن 20%، وتكمن أهميته في تشكيل الذاكرة وتحسين التعلم
والإدراك وتطور نمو الدماغ.
يعتبر معدن النحاس (الزنك) من المغذيات الأساسية
للنمو السليم للدماغ أثناء الحمل والرضاعة، كما أنه يشكل مع الحديد ثنائي أساسي
لصحة الدماغ في المراحل المبكرة من الحياة، فنقصه غالبًا ما يؤدي إلى اضطرابات في
الجهاز العصبي.
كما يصبح الأطفال أكثر قابلية لتناول الفاكهة
والخضروات في حال كانت الأمهات يتناولنها أثناء الرضاعة الطبيعية، مما يعني
إمدادهم بمستوى مغذيات متقدم بعد الفطام.
تواجه بعض الأمهات كثير من المشاكل تعيقها عن
الرضاعة الطبيعية، فعمل الأم أو إصابتها بالأمراض المعدية والخطيرة، أو موت الأم
يجعلنا نلجأ إلى استخدام البدائل والتي مهما زادت جودتها فلن تصل إلى الجودة
المطابقة لحليب الأم لذلك فإنه من الواجب اختيار حليب يناسب مرحلة نموه يحتوي على
الفيتامينات والمعادن والبروتينات والدهون التي يحتاجها.
وقد ظهرت أنواع جديدة من الحليب غنية بالأحماض
الدهنية التي تساعد على نمو الدماغ وهي الأوميجا-3 بنوعيها (DHA) و (EPA)، وهي بالتأكيد أفضل من
ألبان الأبقار حيث يتم دراسة تركيبها بدقة ويتم تطويرها بما يعوض الطفل بعض الشيء
عن الحليب الطبيعي.
اقرأ أيضا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق