الجمعة، 29 يونيو 2018

الحمية الغذائية المساعدة لأطفال التوحد


التوحد
التوحد هو اضطراب بيولوجي معقد يشمل صعوبات في الكلام وشذوذ في المواقف ومشاكل في فهم مشاعر الآخرين حسية وبصرية وتصورات خاطئة ومخاوف وقلق وانحرافات سلوكية قهرية.

ما هي أسباب التوحد؟
لم يكتشف العلماء سببًا واحدًا للتوحد إلا أن العوامل البيئية والوراثية تلعب دورها في الإصابة، لحسن الحظ فإن العلاج الغذائي من الممكن أن يحدث فرق كبير للأطفال المصابين بالتوحد، فالكثير منهم يعاني من صعوبة في عملية الهضم لذلك يجب التركيز كثيرًا على استعادة القدرة على الهضم، كما أن نسبة السكر في الدم بحاجة إلى اتزان، فحص الدم من الملوثات والمعادن الثقيلة أمر هام، استبعاد المضافات الغذائية والكشف عن الحساسية الغذائية ونقص العناصر الغذائية وضمان وجود كمية وافرة من الدهون الأساسية أمور مهمة جدًا لتخفيف مشاكل التوحد.
الحمية الغذائية للمصابين باضطراب التوحد
أولاً: تحسين عملية الهضم:
تشير الكثير من التقارير التي يقدمها آباء التوحديين بأن "أطفالهم تلقوا علاجات متكررة لفترات طويلة من المضادات الحيوية للأذن أو غيرها من التهابات الجهاز التنفسي خلال السنة الأولى وقبل حدوث مشكلة التوحد، لسوء الحظ تقتل المضادات الحيوية البكتريا المفيدة فضلاً عن البكتريا الضارة في الأمعاء، مما يؤدي لضعف الأغشية المعوية وبالتالي حدوث ما يعرف براشح متلازمة الأمعاء والتي يصعب فيها استيعاب الجزيئات الكبيرة خلال الغشاء المعوي، حتى في حالات عدم الإصابة بمشاكل الهضم القليلة، يفضل أن يعطى أطفال التوحد المكملات اللازمة من أنزيمات هاضمة وبروبيوتكات لإعادة توازن بكتريا الأمعاء، سوء الهضم يعني حرمان الدماغ من الكثير من المغنيات التي تجعله هي أفضل حالاته.
ثانيًا: موازنة نسبة السكر في الدم:
يصاب الكثير من أطفال التوحد بفرط النشاط، لذلك يجب الاهتمام بتوازن السكر في الدم، فعندما يتناول الطفل وجبات غنية بالسكريات والكربوهيدرات البسيطة والحلويات والمشروبات الغازية والعصائر سوف يحدث تأرجح مستمر وتقلبات جامحة في مستويات النشاط والتركيز والسلوك، مما يسيء إلى العمل الطبيعي للمخ.
ثالثًا: زيادة أحماض أوميغا 3 الدهنية:
يعتبر نقص الدهون الأساسية مشكلة شائعة لدى المصابين بالتوحد، أظهرت الأبحاث التي أجراها الدكتور غوردن بيل في جامعة ستيرلنغ أن بعض الأطفال المصابين بالتوحد يكون لديهم خلل إنزيمي يسبب إزالة الدهون الأساسية من أغشية الخلايا في الدماغ بسرعة أكثر مما ينبغي، لذلك يحتاج الأطفال المصابين بالتوحد المزيد من هذه الدهون عن طريق تناول المكملات الغذائية المحتوية عليها، وقد أكدت الأبحاث أن لهذه المكملات دورًا هامًا في تحسين السلوك والمزاج والخيال والتعبير وأنماط النوم والتركيز لدى أطفال التوحد.
رابعًا: الفيتامينات والمعادن:
تؤكد الأبحاث بأن العناية الغذائية من الممكن أن تساعد أطفال التوحد، يشير البحث الزائد للدكتور ببرنارد ريملاند في معهد أبحاث سلوك الطفل بسان دياغو في كاليفورنيا بأن فيتامين ب6 وفيتامين ج ومكملات المغنيسيوم الغذائية حسنت أعراض التوحد بشكل ملحوظ، في أبحاثه القديمة التي قدمها في السبعينات أكد بأن إيقاف الجرعات الكافية من الفيتامينات من الممكن أن تسبب انتكاسة، بعض الدراسات تلزم تناول الفيتامين ب6 بمصاحبة المغنيسيوم، وتؤكد أن تناول أحدهما بانفراد لا يؤتي نتائج مثمرة.
يعاني أطفال التوحد غالبًا من سلوك عدواني ونوبات غضب، وفي دراسة حديثة تمت على مستوى عدة جامعات ومراكز طبية بكندا فإن استخدام المكملات  الغذائية أعطى تحسن ملحوظ في تخفيف هذه السلوكيات بشكل أكبر من العلاج التقليدي، حيث قل الانسحاب الاجتماعي والغضب والطيش والعدوان، حتى الوزن مال إلى الإنخفاض، حيث يعاني 30% من أطفال التوحد من السمنة، مما قلل حاجة الأطفال لاستخدام الأدوية والعلاج بشكل أكبر.
فيتامين أ
فيتامين أ مهم لتنمية الأمخاخ والأبصار التي تتضرر مراكزها في الدماغ، نتيجة لنقص في الفيتامين، فتقل بذلك القدرة على رؤية اللون الأسود والأبيض وبالتالي رؤية الظلال، وعدم القدرة على الرؤية ثلاثية الأبعاد، ولهذا يصعب على بعض المصابين بالتوحد رؤية تعابير الناس بشكل جيد وقد يكون هذا السبب في أن بعضهم ينظرون إلى الآخرين بنظرة جانبية والتي يقوم بها التوحديون محاولة منهم لرؤية تعابير الآخرين.
في بحث حديث تم نشره مؤخرًا في مجلة طب العيون أكد الباحثون أن الكثير من أطفال التوحد يعانون من ارتفاع الضغط داخل الجمجمة لسبب مجهول، وكشفت الفحوصات أعراض وعلامات لجفاف الملتحمة، مما يعني حاجة ماسة لمكملات فيتامين أ الضروري لسلامة الرؤية وبناء الخلايا السليمة في المخ والقناة الهضمية، أفضل مصادر فيتامين أ هو حليب الأم ثم اللحوم والسمك وزيت كبد القد والحليب المدعم.
فيتامين د
ربطت دراسة حديثة اجريت بالمركز القومي للبحوث بالقاهرة بين مرض التوحد ونقص فيتامين د، حيث أكد الباحثين أن أطفال التوحد يعانون من نقص واضح في فيتامين د أكثر من الأطفال الطبيعيين، حيث أن هذا الفيتامين ضروري لنمو العصبي السليم، وينتج هذا النقص غالبًا عن سوء أيض الفيتامين لدى أطفال التوحد، كما تعاني أمهات أطفال التوحد من نقص فيتامين د أثناء فترة الحمل مما ينعكس على نمو الجنين العظمي والعصبي.
حامض الفوليك
ما يعرفه الناس ومختصي الصحة بشكل عام أن نقص حامض الفوليك في الأمهات الحوامل يؤدي إلى حدوث عيوب أنبوبية عصبية لدى الأجنة، وهي معلومة قديمة مضى عليها ما يزيد عن 20 سنة، وقد أوصت وزارة الصحة الأمريكية في أوائل التسعينات الأمهات الحوامل بتناول 0.4 ملغ من حامض الفوليك قبيل وأثناء الأشهر الأولى من الحمل بشكل يومي، وقد كلفت إدارة الأغذية والعقاقير بدعم بعض الأطعمة الشائعة بحامض الفوليك، مما أدى إلى زيادة كبيرة في الفولات لدى الأمهات إلى مستويات يصعب الوصول إليها بتناول الطعام الطبيعي، الأمر الذي أدى إلى انخفاض العيوب الخلقية العصبية في المواليد، لكن في الوقت نفسه تزامنت هذه التطورات مع بداية انتشار مرض التوحد في الولايات المتحدة، الأمر الذي أثار تساؤل الباحثين، هل هذا التزامن مجرد صدفة أم أن هناك علاقة واضحة بين الإصابة بالتوحد وزيادة محتوى حامض الفوليك في دم الحامل؟
بانخفاض نسبة الفولات ترتفع نسبة الهيموسيستين (مركب سام ينتج عن تمثيل البروتينات) في البلازما، ارتفاع نسبة الهيموسيستين في البلازما في وجود شكل معين من أنزيمات (polymorphism) يقلل من فعالية الفولات وبالتالي فإن الكمية المتواضعة أو الطبيعية منه تصبح غير كافية، وبزيادة كمية الفولات فإنه يغطي على خطر وجود الأنزيمات الخطرة (polymorphism) أثناء الحمل، وهو الأنزيم الشائع وجوده في أطفال التوحد، والذي كان يهدد بقائهم على قيد الحياة أثناء مرحلة الجنينية لولا توجه الأمهات إلى تناول حامض الفوليك الذي يقلل مستويات الهيموسيستين الضارة بالنمو العصبي للجنين، بقاء هؤلاء الأطفال على قيد الحياة برغم وجود هذا الأنزيم في دمائهم يعني زيادة حاجتهم لحامض الفوليك عن الأطفال الطبيعيين بعد الولادة خصوصًا في السنة الأولى من العمر، ليساعدهم على النمو العصبي الطبيعي خلال هذه الفترة الحرجة من حياتهم، والذي غالبًا لا تنتبه لها الكثير من الأمهات نتيجة لعدم معرفتهم، وهذا ما يؤدي إلى زيادة نسبة تعرض الأطفال لمرض التوحد الناتج عن اضطراب في النمو العصبي للطفل.
الحديد
تبين بعض الدراسات أهمية الحديد في الحصول على نوم هادئ لأطفال التوحد الذين يعانون من اضطرابات النوم، حيث سكنت اضطرابات النوم بعد الحصول على مكملات الحديد لمدى 8 أسابيع، وبالتالي التحسن المستمر في حالتهم.
إن أي نقص بسيط في الحديد حتى لو لم يصاحبه فقر في الدم يؤدي إلى المشاكل السلوكية الشائعة لدى الكثير من أطفال التوحد، يجب الحرص إذا ما تم علاج أطفال التوحد بمكملات الحديد، كون زيادتها تعطي نفس نتائج النقصان وتؤدي إلى تفاقم الحالة، وذلك بسبب النشاط المفرط لجهز المناعة، مما يؤدي إلى اضطراب في هضم المواد الغذائية التي ينتج عنها مركبات كيميائية تثير الحساسية الحادة، كذلك ينتج عن زيادة تناول مكملات الحديد إجهاد تأكسدي ناتج عن زيادة الجذور الحرة والتي يعاني منها الكثير من مرضى التوحد.
الخارصين (الزنك)
معدن الزنك عنصر أساسي لتحقيق النمو الطبيعي ونمو الجهاز العصبي المركزي، وقد وجدت الدراسات أن أطفال التوحد غالبًا ما يعانون من نسبة منخفضة جدًا من الزنك مقارنة بغيرهم من الأطفال، وقد تشير هذه النتائج إلى خلل في التمثيل الغذائي للزنك، مما يؤكد أهمية الاهتمام بزيادة نسبة الزنك في مكملات غذائية خاصة، كما أكدت دراسة حديثة أن مكملات الزنك تقلل معدل   انتشار مرض التوحد واضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه.
خامسًا: تفادي الحساسية الغذائية:
من أهم العوامل التي تسهم في الإصابة بالتوحد المواد الغذائية والكيميائية الغير مرغوب فيها، والتي غالبًا ما تصل إلى المخ عبر مجرى الدم بسبب خلل في الهضم والامتصاص، لاحظ الكثير من الآباء والأمهات تحسنات جوهرية حدثت لأطفالهم بعد تغيير نظامهم الغذائي.
أقوى أنواع الأغذية ارتباطًا بالتوحد هي الأغذية المكونة من القمح ومنتجات الألبان وهما أكثر الأطعمة احتواء على بروتين الجلوتين والكازين عسيري الهضم، خصوصًا إذا تم تقديمها في وقت مبكر من الحياة، حيث تحدث الحساسية ضدها. تتجزأ هذه البروتينات إلى ببتيدات تحدث صدمة بالغة في الدماغ، تنتج هذه الصدمة نتيجة عدم التمثيل الكامل للبروتينات الخطرة في الأمعاء فتصنع مركبات تشبة الهيروين والمورفين المخدر إلا أن تأثيرها أشد وطئًة منهما ب2000 مرة.
بدراسة عدد كبير من أطفال التوحد اتضح أن 80% من التوحديين ظهرت لديهم مركبات مورفونية أو شبه أفيونية مخدرة، ينتج منها تصرفات تطابق تصرفات المدمنين، حينها يجب قطع منتجات الحنطة والحليب من غذاء التوحديين قطعًا نهائيًا وصارمًا، إذا ثبت إصابته بالحساسية ضد الكازين والجلوتين، كما يجب الاستمرار على هذه الحمية للأبد. إن أي تهاون في الحمية سينتج عنه آثار سلبية انتكاسية.
تتحسن حالة الطفل التوحدي بعد هذه الحمية وتظهر لديه علامات التحسن في صورة هدوء واستقرار أكثر وتركيز وانتباه أفضل وتحسن في التناسق الجسدي وتحسن في عادات النوم والتواصل مع الآخرين وانخفاض السلوك العدواني تجاه نفسه والآخرين وتحسن في عادات الطعام.
توصي وحدة البحوث في جامعة ساندر لاند بانسحاب تدريجي من هذه الأطعمة والانتظار ثلاثة أسابيع بعد إزالة منتجات الألبان قبل إزالة منتجات القمح والشوفان والشعير والجودار من النظام الغذائي، وقد يبدو على الطفل أنه أصبح أكثر سوءًا من قبل بسبب أعراض الانسحاب، لكنها فترة مؤقتة ويبدأ بالتحسن.
هناك أطعمة أخرى قد تسبب حساسية للتوحديين يجب ملاحظتها بانتباه شديد عن طريق عمل مذكرات غذائية وتسجيل التغيرات السلوكية الناتجة عن تناول بعض الأطعمة مثل الحمضيات والتشوكليت والملونات الغذائية الصناعية وحمض السالسيلات والبيض والطماطم والأفوكادو والباذنجان والفلفل الأحمر وفول  الصويا والذرة. حين ثبوت الإصابة بحساسية ضد هذه الأطعمة يجب توفير البديل لها حيث أنها أطعمة مغذية ومهمة للصحة العامة.
سموم أخرى
ثم قياس مستويات الكروم والكادميوم والرصاص في أطفال التوحد ومقارنتهم مع الأطفال الطبيعيين، وقد أظهرت الدراسات أن مستويات الكروم في مرضى التوحد أكبر بكثير من الأطفال الطبيعيين.
كما تربط الكثير من الدراسات بين التعرض لمواد سامة مثل الزئبق والرصاص والمبيدات الحشرية والتدخين للأم أثناء فترة الحمل وبين التوحد، لذلك فإن خطة العلاج تستلزم تنقية الدم من هذه السموم وعدم تعريض الأطفال للمزيد منها.
اقرأ أيضا:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق