الخميس، 21 يونيو 2018

المنبهات ونفاذ الطاقة



المنبهات ونفاذ الطاقة
بعض الناس يستيقظ صباحًا وكأنه لم ينم أكثر من عشرة دقائق ولو طال نومه إلى 10 ساعات، إلا أن الشعور بالإرهاق لا يزال يلازمه ثم يقضي نهاره بتناول الكوب تلو الآخر من القهوة أو الشاي بجميع الأشكال والألوان، وحين يحل المساء نجد أنه وصل إلى اقصى درجة من التعب والإرهاق فهو يقضي كامل يومه مرهقًا تعبًا.
بينما نلاحظ أن الأطفال الصغار هم على العكس تمامًا فهم بمجرد أن يستيقظوا من النوم يبدأ نشاطهم في ازيداد ويواصلون اللعب والاستمتاع طيلة النهار وحين يأتي المساء فهم لا يزالون يحتفظون بكامل حيويتهم ونشاطهم ولا يزال لديهم المزيد من الطاقة التي يكملون بها نشاطهم المسائي.
الكثير من الناس اليوم تنضب طاقتهم بسرعة وفي وقت مبكر من العمر، ولذلك نجد إننا لم نعد نستطيع أن نفعل شيئًا بدون بعض المنبهات الصناعية.
الشاي والقهوة وتدخين التبغ هم أكثر المتربعين على عرش مصانع الطاقة في الوقت الحاضر، ولا عجب من ذلك بعد أن أصبحت متطلبات الحياة كثيرة وتحتاج إلى مجهود متواصل وطاقة لا تنضب.
 لسوء الحظ فإن الشاي والقهوة يعتبران منشطين برئين بجانب أبناء عمومتهم المتوحشين من الإمفيتامينات والكوكايين والكحوليات سواء كانت منشطة أم مرخية، وكل هذه المنشطات تعتبر بمثابة الكارثة التي تحل بمراكز الدماغ لتخدعها بإنتاج الكيماويات التي تؤدي إلى الشعور بالمتعة المؤقتة والتي تصاحبها عواقب صحية خطيرة.
قلة الفرص الجيدة والتنافس المحموم عليها للحصول على المال والثروة أو الشهرة وبصفة خاصة داخل المدن والعواصم الكبرى صنعت من الناس كائنات لا تنام، فالأسواق مفتوحة، والتلفزيون وشبكة الإنترنت لا يتوقفا عن العمل ليل نهار سبعة أيام في الأسبوع، والكثير منا يريد أن يلبي احتياجات  العمل والأسرة ولا يفوت على نفسه فرصة للاستمتاع بمشاهدة المسلسل والمباراة وبرامج المليون، إضافة إلى عدم التنازل ولو ليوم واحد عن تصفح البريد الإلكتروني أو المواقع والاطلاع على كل جديد في البرامج التكنولوجية والثقافية، والمفاجأة الكبرى أن هناك أطفال وزوج/ة داخل الجدول!
فهذه الأمور لا تعد ذات شأن إذا أضفنا إليها مهام الزوجة العاملة. فما هو الأمر الذي يساعد على قضاء كل تلك الأمور بيقظة وانتباه تام؟
ليس هناك أكثر شهرة من المنبهات الكيميائية التي يتم تناولها كل ما تسمح  الفرصة خلال اليوم، فعند الجوع يعمد الكثير من الناس إلى تناول قطعة من الدونات المغطاة بالشوكولا، ثم سيجارة لتهدئة الأعصاب، يليها كوب من القهوة لاستعادة النشاط، كل هذه المساعدات الكيميائية لا تعد أكثر من أطفال بجانب عمالقة المنبهات والمخدرات التي لا يخلو منها مجتمع محافظ أو متحرر.
إن استسلام أحدهم لرغبته في تناول المنشطات لا يعني بالضرورة أنه شخص ضعيف أو سيء، الأمر ببساطة هو  أنه تحت سيطرة كيمياء المخ، فأمخاخ المدمنين تحتاج إلى مزيد من الطاقة والأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية التي تمد الجسم بالقوة والحيوية والنشاط.
كما أن النوم الكافي يساعد العقل والجسد على الاحتفاظ بمستوى طاقة لا ينحدر، لأن قلة النوم المزمنة مصدر رائد من مصادر الإعياء.
سوء التغذية ليس المتهم الوحيد للشعور بالإعياء، فهناك إصابات فيروسية تؤدي إلى الإصابة بمتلازمة الإجهاد المزمن، وقد يكون الخلل في الهرمونات التي تنتجها الغدة الدرقية، إن الاتجاه إلى المنشطات كمساعد وحيد للتحفيز العقلي أو البدني يؤدي في النهاية إلى الإفلاس الصحي علاوة على الفقر الغذائي.
يمكن أن يكون للإدمان عامل وراثي ولكن كمجتمع عربي محافظ ومتدين فإن الإصابة بالإدمان الوراثي هو أمر نادر من ناحية وراثة الجينات المساعدة على الاكتساب السريع للسلوك الإدماني، لكن هناك علل وراثية قد تكون لها علاقة غير مباشرة بإدمان المنشطات والكحول، كنقص عدد من مستقبلات الموصل العصبي الدوبامين ينتج عنه الشعور بالاكتئاب، وانخفاض احترام الذات، وانخفاض الطاقة، سلوك طائش، ضعف الحيوية والنشاط.
مثل هذه العلل قد تجعل من الأشخاص المصابين عرضة لعلاج أنفسهم في شكل يسبب الإدمان كما يحدث لإدمان الكحول والمخدرات والبحث عن الإثارة عن طريق ممارسة السلوكيات الخطيرة التي تجعلهم يشعرون بوفرة من النشاط والاندفاع والسعادة، ومن حسن الحظ أن هنال طرق علاجية غذائية سوف نتعلمها لحل هذه المشكلة التي يلجأ لها بعض الطلبة قبيل الاختبارات أو بعض العاملين في بعض الأنشطة التي تتطلب يقظة مستمرة تحت الضغط.
يتعلم الناس الإدمان من أسرهم ويشبون على هذه السلوكيات منذ الطفولة، فهذه أم تعطي طفلتها حلوى التشوكليت اللذيذة مكافئة لها على سلوكها الحسن وبعد أن تكبر الطفلة يكبر معها الشعور بحب التشوكليت التي تذكرها بأبسط ملذات الطفولة، خصوصًا عند مواجهة الظروف الصعبة.
العديد من الأطفال نشئوا على حب الحلويات السكرية والمشروبات الغازية المليئة بالكافيين والسكر، وكانت النتيجة الإدمان المبكر.
كما أن الكثير من الرجال ممن تجاوز الثلاثين والأربعين والخمسين بل وحتى الستين قد انطلت عليهم خدع أصدقائهم الصغار في عمر المراهقة عندما كانوا يوصون بعضهم بأن التدخين رجولة.
يعيش الكثير من الناس أساليب حياة غير صحية تؤدي إلى الضغط المفرط وبالتالي استخدام المنشطات لتخفيف الضغط، والتي من خلالها يتم تحفيز الموصل العصبي الدوبامين والأدرينالين والنورادرينالين، وبالتالي الشعور بالمتعة والنشاط و الطاقة التي يتم توليدها عن طريق تعبئة الجلوكوز، ونتيجة لذلك علينا تناول المزيد من المنشطات حتى نبقى في حالة تأهب ونشاط ومرح أو معنويات مرتفعة.
ينتج كل ذلك عن تناول السكريات والتشوكليت والشاي والقهوة والتدخين والمشروبات المحتوية على الكافيين والإمفيتامينات والكوكايين.
يحدث بعد ذلك هبوط سريع ومفاجئ يوقف كل المشاعر البهيجة السابقة ويبقى محلها الخمول والعصبية والاكتئاب والملل والكسل، الأمر الذي يوحي بالشعور بالحاجة لمزيد من المنشطات السابقة الذكر للحفاظ على مستوى الطاقة بأعلى ما يكون، وهكذا حتى نصل إلى حلقة مفرغة من الاعتياد على المنشطات الصناعية.
وهنا يجب أن يتم التذكير بأن الأعراض السابقة قد تكون موجودة بسبب مشاكل صحية مختلفة عن الإدمان على المنبهات، مثل سوء النوم والنظام الغذائي والعدوى المزمنة واختلال الهرمونات..
الموضوع القادم سيكون عن بدائل المنشطات الإدمانية التي ترفع مستويات الطاقة لوقت اطول

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق