تعتبر مرحلة ما قبل المدرسة (1-5) من أهم المراحل
التي ينموا فيها المخ وبعض العمليات العصبية بشكل سريع ودراماتيكي بعد الولادة،
كالمرونة العصبية وعمل الذاكرة والانتباه والسيطرة، وبما أن جميع العمليات الحيوية
داخل المخ تخضع لتأثير تفاعل العوامل البيولوجية والبيئية، فإن التغذية هي إحدى
العوامل البيئية الهامة التي تؤثر على تكوين الدماغ وتوجيه السلوك.
تتمثل الاحتياجات الغذائية الهامة للدماغ في عدة
عناصر غذائية مثل الكولين، حامض الفوليك، الحديد، الزنك، الأحماض الدهنية (أوميجا3
على الأخص)، ولحسن الحظ فإن الكثير من الدراسات تؤكد بقدرة التغذية المذهلة على
التحكم في التعبير الجيني للموصلات العصبية وسيرها في مناطق الدماغ، فمثلاً حامض
الريتونيك وهو الشكل النشط لفيتامين أ، يشترط في تكوين النظام العصبي المركزي.
يحدث في هذا الوقت من العمر تغيرات سريعة وكبيرة
في الدماغ كونه أكثر مرونة من أي وقت آخر، كما أنه أنسب وقت لاكتساب المهارات
المعرفية
الأساسية والشخصية، وخلال هذا الوقت تزيد عدد
الكلمات التي يتحدث بها الأطفال بشكل ملحوظ، كما أنهم يصبحوا قاديرن على الاندماج
في المهام العقلية لفترات أطول، كما تتميز هذه الفترة من العمر باستقلال الطفل عن
أمه بشكل تدريجي واعتماده على نفسه.
في هذه المرحلة تؤثر عدة أمور على القدرات
العقلية للطفل، مثل سوء التغذية وتنويع الطعام والعادات الغذائية والآثار الجانبية
التي تتركها بعض العقاقير الدوائية، والحساسية لبعض أنواع الأطعمة، والمضافات
الغذائية ونقص الأحماض الدهنية الهامة لنمو الدماغ، كل هذه أمور تؤثر على قدرات
الطفل العقلية كالانتباه والمزاج والسلوك.
بسبب سوء التغذية في هذا العمر تأخير واضح في
التطور الفكري وزيادة مخاطر التعرض للأمراض والشعور باللامبالاة، والانسحاب وتأخر
النمو البدني والعقلي، بل حتى المهارات الحركية يلحقها الضرر، مثل الزحف والمشي،
مما يعود على الطفل بالحرمان من استكشاف حدود أوسع من عالمه.
المعدل السريع لنمو الدماغ خلال الثلث الأخير من
الحمل وبعد الولادة وفي المراحل الأولى من العمر يجعل الدماغ حساس جدًا لنقص
التغذية، ولأن الدماغ يستمر في النمو حتى مرحلة البلوغ فإن الانتباه للعناصر
الغذائية يجب أن يكون دقيقًا، يؤكد الباحثون على تركيز الاهتمام بعناصر مغذية دون
غيرها لما لها من أعظم التأثير على المخ في مراحل نموه الأولى مثل البروتين
والسعرات الحرارية وفيتامين أ واليود والحديد، كون النقص الغذائي في هذه العناصر
قد يسبب آثار سلبية على الدماغ والسلوك على المدى القصير.
يحتاج الأطفال في جميع
مراحل الطفولة للحديد في غذائهم، ونقص الحديد يؤثر تأثيرًا سلبيًا على قدراتهم
الإدراكية، ونتيجةل ذلك يعمد بعض الآباء إلى إعطاء أبنائهم مكملات الحديد، لكنه
وخلافًا لمعظم المواد الغذائية الأخرى فإن الإفراط في تعاطي مكملات الحديد للأطفال
قد يسبب آثار سلبية على النمو الجسدي والعقلي، لذلك يجب الحذر الشديد عند وصفها
للأطفال، فزيادتها ونقصها تسبب آثار سلبية في النمو العقلي لهماقرأ أيضا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق