الاثنين، 16 أبريل 2018

موصلات عصبية هامة للعمليات العقلية المختلفة .. الدوبامين



ثانيا:الدوبامين

     نتساءل كثيرا عن سر تحمل بعض الأشخاص للأعمال التي يكرهونها،ونتساءل أيضا كيف يحارب العاشقين كل مستحيل من أجل رضا المحبوب، وكثيراما نستغرب من إدمان أحدهم على العمل الشاق، بالرغم من أنه خارج أسوار السجن، وكيف يشتهي أحدهم الطعام بالرغم من أن وزنه قد تجاوز المائة وخمسون كجم، إنه الدوبامين، فلو تخيلنا الحياة من دون هذا الموصل العصبي، لوجدنا أكثر الناس مسترخين على فرشهم، غير آبهين بأمر رزقهم ولا طعامهم ولا شرابهم ولا أحبابهم وعشاقهم، ولا سمعنا عن ليلى ولا قيس، ولما سمعنا عن فتح الدول ولا اكتشاف القارات، ولكانت الحياة أكثر رتابة و كآبة .

     لو لم يخلق الله الدوبامين، لما وجدنا يوما قصورا واسعة وبنايات شاهقة، ولم نشاهد حسناوات يتعاركن على عيادات التجميل ولم يهتم أحد بأمر النجاح في الاختبار، ولم يسعى أحدهم إلى منصب ما، ولم يفكر الآخرين بمكانتهم وسط المجتمع . حتى إدمان المخدرات ليس إلا طريقة فوضوية لإنتاج المزيد منه.
ماهو الدوبامين؟
   مادة كيميائية تلعب دور الموصل العصبي في الدماغ، ولها وظائف متعددة تختلف باختلاف مكان إفرازها في الدماغ ونوع المستقبل العصبي الذي يقوم بنقلها، من هذه الوظائف، الإدراك الذي يحدث في القشرة الأمامية للدماغ، حيث تنحدر الوظائف التعليمية عند أقل اضطراب لإفراز الدوبامين أو مستقبلاته في هذه المنطقة، مثل الذاكرة والانتباه وحل المشاكل .
كما يعمل الدوبامين على حدوث مشاعر المتعة والحماس، وهو المسئول عن أن أي عمل نقوم به لينتهي بمكافأة محبوبة، حتى لو كان هذا العمل غير أخلاقي، وهذا لا يعني بأي حال بأني ألتمس العذر للمجرمين والخارجين عن الآداب، كونهم تحت رحمة ناقل عصبي، فما يحدث في أدمغتهم هو بالضبط ما يحدث في أدمغة الصالحين، عندما يقومون ببذل الجهد الشاق للحصول على مكافأة محبوبة، والفرق الوحيد هو المسؤولية عن اختيار السلوك المحفز للمتعة، كما أن للدوبامين دور في الشعور بالبهجة والحب والأنس بين الأحبة والأصدقاء، فهو سر اجتماع الشباب في القهوة، وسر حفلات الرقص النسائية، وهو سر تنافس الطلبة على المراكز المتقدمة في الدراسة، وسر لهاث الأكاديميين على المناصب والألقاب الأكاديمية، وسر خسارة وربح ملايين الناس في سوق الأسهم، وسر قفزك من فراشك صباحا لتلحق بموعد صفقة رابحة، بل إن له دور فاعلا في تخيف الآلام وعلاج بعض الأمراض مثل اضطراب فرط النشاط وضعف الانتباه ومرض باركنسون (الشلل الرعاش)، والسيطرة على الغثيان والقيء، وتنظيم إفراز هرمون البرولاكتين المسئول عن إنتاج الحليب عند الأم المرضعة، وبالرغم من أن مرضى الذهان غالبا ما يعانون من ارتفاع غير طبيعي في نشاط الدوبامين، فإن استخدام العقاقير التي تقلل من مستوى نشاط الدوبامين لديهم أدى إلى انعدام شعورهم بالرغبة تجاه متع الحياة والحرمان من التلذذ بمباهجها .
    عندما يتوفر الدوبامين في الدماغ بشكل وافر فسرعان ما يتجه المزاج إلى الإيجابية والسرور والتفاؤل والتركيز، انخفاض الدوبامين يبدل المزاج ويسبب التوتر والقلق والسلبية والنفور.
      خلايا المخ التي تصنع الدوبامين تستخدم في صناعته الحامض الأميني فينايل الأنين الموجود في الكثير من المصادر الغذائية مثل اللحوم والأجبان .

   أما الأغذية التي تساعد على زيادة الدوبامين في المخ فهي التفاح والموز الناضج الغني بالحامض الأميني التيروزين الذي يتحول أيضا في خلايا المخ إلى الموصل العصبي المرغوب الدوبامين لذلك فالموز الناضج يعطي دفعة من الحماس والتركيز والحب، كما أن الجبن والبيض والدجاج والأسماك والبطيخ والفول والبقول كلها معززات جيدة لإنتاج الدوبامين موصل السعادة والذكاء، لذلك فإن أصحاب المشاعر السلبية والمزاج الرديء والملامح المتهجمة والغضب السريع والتهيج المستمر هم فقراء في موصل السعادة والحب والتركيز الدوبامين فلا غرابة أن يلجئوا إلى ارتكاب الحماقات والأخطاء وإيذاءالآخرين بدون شعور بأدنى ذنب أو مسؤولية فهم ضحية سلوكهم الغذائي الفقير، فإن لم يلجئوا إلى تعويض نقصهم بالغذاء الجيد فلا غرابة أن يلجئوا إلى الكحوليات والمخدرات أو الأذية حتى تناول الطعام بنهم، كحل سريع لإنعاشهم حتى لو كان حل مؤقت ومدمر .
اقرأ أيضا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق